فصل: دية المرأة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فقه السنة



.دية المرأة:

ودية المرأة إذا قتلت خطأ: نصف دية الرجل، وكذلك دية أطرافها، وجراحاتها على النصف من دية الرجل وجراحاته، وإلى هذا ذهب أكثر أهل العلم.
فقد روي عن عمر رضي الله عنه، وعلي كرم الله وجهه، وابن مسعود رضي الله عنه، وزيد بن ثابت رضي الله عنهم أجمعين: أنهم قالوا في دية المرأة: إنها على النصف من دية الرجل، ولم ينقل أنه أنكر عليهم أحد، فيكون إجماعا، ولان المرأة في ميراثها وشهادتها على النصف من الرجل.
وقيل: يستوي الرجل والمرأة في العقل إلى الثلث، ثم النصف فيما بقي.
فقد أخرج النسائي، والدارقطني، وصححه ابن خزيمة عن عمر بن شعيب عن أبيه عن جده، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «عقل المرأة مثل عقل الرجل حتى يبلغ الثلث من ديته».
وأخرج مالك في الموطأ، والبيهقي عن ربيعة بن عبد الرحمن أنه قال: سألت سعيد بن المسيب: كم في إصبع المرأة؟ قال: عشر من الإبل، قلت: فكم في الاصبعين؟ قال: عشرون من الإبل.
قلت: فكم في ثلاث؟ قال: ثلاثون من الإبل.
قلت: فكم في أربع؟ قال: عشرون من الإبل.
قلت: حين عظم جرحها واشتدت مصيبتها نقص عقلها! فقال سعيد: أعراقي أنت؟ فقلت: بل عالم متثبت، أو جاهل متعلم.
فقال سعيد: هي السنة يا ابن أخي.
وقد ناقش الإمام الشافعي هذا الرأي، وبين أن المقصود من السنة، هو سنة زيد بن ثابت رضي الله عنه الذي قال بهذا الرأي، لا سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال الشافعي رضي الله عنه:
السنة إذا أطلقت يراد بها سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وروي أن كبار الصحابة - رضي الله عنهم - أفتوا بخلافه، ولو كانت سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ما خالفوه.
وقوله: سنة، محمول على أنه سنة زيد، لأنه لم يرو إلا عنه موقوفا، ولان هذا يؤدي إلى المحال، وهو ما إذا كان ألمها أشد، ومصابها أكثر أن يقل أرشها، وحكمة الشارع تنشأ من ذلك.
ولايجوز نسبته إليه، لأن من المحال أن تكون الجناية لا توجب شيئا شرعا.
وأقبح أن تسقط ما وجب بغيره.

.دية أهل الكتاب:

ودية أهل الكتاب إذا قتلوا خطأ نصف دية المسلم، فدية الذكر منهم نصف دية المسلم، ودية المرأة من نسائهم نصف دية المرأة المسلمة.
لما رواه عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى بأن عقل أهل الكتاب نصف عقل المسلم رواه أحمد رضي الله عنه.
وكما تكون دية النفس على النصف من دية المسلم، تكون دية الجراح كذلك على النصف.
وإلى هذا ذهب مالك، وعمر بن عبد العزيز.
وذهب أبو حنيفة، والثوري، وهو المروي عن عمر، وعثمان، وابن مسعود رضي الله عنهم، إلى أن ديتهم مثل دية المسلمين، لقول الله تعالى: {وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق فدية مسلمة إلى أهله وتحرير رقبة مؤمنة}.
قال الزهري: دية اليهودي، والنصراني، وكل ذمي مثل دية المسلم.
قال: وكانت كذلك على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي رضي الله عنهم، حتى كان معاوية، فجعل في بيت المال نصفها، وأعطى المقتول نصفها.
ثم قضى عمر بن عبد العزيز بنصف الدية، وألغى الذي جعله معاوية لبيت المال.
قال الزهري: فلم يقض لي أن أذكر بذلك عمر بن عبد العزيز، فأخبره أن الدية كانت تامة لاهل الذمة.
وذهب الشافعي رضي الله عنه إلى أن دبتهم: ثلث دية المسلم، ودية الوثني والمجوسي المعاهد أو المستأمن: ثلثا عشر دية المسلم.
وحجتهم أن ذلك أقل ما قيل في ذلك، والذمة بريئة ألا بيقين، أو حجة.
وهو بحساب ثمانماية درهم من اثني عشر الفا.
وروي عن عمر، وعثمان، وابن مسعود: ونساؤهم على النصف.
وهل تجب الكفارة مع الدية في قتل الذمي والمعاهد؟ قاله ابن عباس، والشعبي، والنخعي، والشافعي واختاره الطبري.
دية الجنين إذا مات الجنين بسبب الجناية على أمه عمدا أو خطأ، ولم تمت أمه، وجب فيه غرة سواء انفصل عن أمه وخرج ميتا، أم مات في بطنها. وسواء أكان ذكرا أم أنثى.
فأما إذا خرج حيا، ثم مات، ففيه الدية كاملة، فإن كان ذكرا وجبت مائة بعير.
وإن كان أنثى: خمسون.
وتعرف الحياة بالعطاس، أو التنفس، أو البكاء، أو الصياح، أو الحركة، ونحو ذلك.
واشترط الشافعي في حالة ما إذا مات في بطن أمه، أن يعلم بأنه قد تخلق وجرى فيه الروح.
وفسره بما ظهر فيه صورة الآدمي: من يد، وأصبع.
وأما مالك، فإنه لم يشترط هذا الشرط، وقال: كل ما طرحته المرأة من مضغة، أو علقة، مما يعلم أنه ولد ففيه لغرة.
ويرجح رأي الشافعي، بأن الاصل براءة الذمة وعدم وجوب الغرة، فإذالم يعلم تخلقه، فإنه لا يجب شئ.
قدر الغرة: والغرة: خمسماية درهم، كما قال الشعبي والأحناف، أو ماية شاة، كما في حديث أبي يريدة عند أبي داود، والنسائي.
وقيل: خمس من الإبل.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «قضى أن دية الجنين غرة: عبد أو وليدة».
وروى مالك، عن ابن شهاب، عن سعيد بن المسيب: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى في الجنين يقتل في بطن أمه: بغرة: عبد، أو وليدة.
فقال الذي قضى عليه: كيف أغرم ما لاشرب، ولا أكل، ولا نطق، ولا استهل، ومثل ذلك يطل.
فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: «إن هذا من إخوان الكهان».
هذا بالنسبة لجنين المسلمة، أما جنين الذمية، فقد قال صاحب بداية المجتهد: قال مالك والشافعي وأبو حنيفة: فيه عشر دية أمه، لكن أبو حنيفة على أصله، في أن دية الذمي دية المسلم.
والشافعي على أصله، في أن دية الذمي ثلث دية المسلم.
ومالك على أصله، في أن دية الذمي نصف دية المسلم.
على من تجب: قال مالك وأصحابه، والحسن البصري والبصريون: تجب في مال الجاني.
وذهبت الحنفية والشافعية، والكوفيون، إلى أنها تجب على العاقلة لأنها جناية خطأ فوجبت على العاقلة.
وروي عن جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل في الجنين غرة على عاقلة الضارب: وبدأ بزوجها وولدها.
وأما مالك، والحسن: فقد شبهاها بدية العمد إذا كان الضرب عمدا والأول أصح.

.لمن تجب:

ذهبت المالكية، والشافعية، وغيرهم: إلى أن دية الجنين تجب لورثته على مواريثهم الشرعية، وحكمها حكم الدية في كونها موروثة، وقيل: هي للام، لأن الجنين كعضو من أعضائها، فتكون ديته لها خاصة.
وجوب الكفارة: اتفق العلماء على أن الجنين إذا خرج حيا ثم مات، ففيه الكفارة مع الدية.
وهل تجب الكفارة مع الغرة إذا خرج ميتا أو لا تجب؟ قال الشافعي وغيره: تجب، لأن الكفارة عنده تجب في الخطأ والعمد.
وقال أبو حنيفة: لا تجب، لأنه غلب عليهحكم العمد.
والكفارة لا تجب فيه عنده.
واستحبها مالك، لأنه متردد بين الخطأ والعمد.
لادية الا بعد البرء قال مالك: إن الأمر المجمع عليه عندنا في الخطأ، أنه لا يعقل حتى يبرأ المجروح ويصح، وأنه إن كسر عظما من الإنسان: يدا أو رجلا، وغير ذلك من الجسد خطأ، فبرأ، وصح، وعاد لهيئته، فليس فيه عقل، فإن نقص، أو كان فيه عثل نقص، ففيه من عقله بحساب ما نقص.
قال: فإن كان ذلك العظم مما جاء فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم، عقل مسمى، فبحساب ما فرض فيه النبي صلى الله عليه وسلم، عقل.
وما كان مما لم يأت فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم عقل مسمى، ولم تمض فيه سنة، ولاعقل مسمى، فإنه يجتهد فيه.

.وجود قتيل بين قوم متشاجرين:

إذا تشاجر قوم، فوجد بينهم قتيل، لا يدرى من قاتله، ويعمى أمره فلا يبين - ففيه الدية: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما رواه أبو داود: «من قتل في عميا في رميا، يكون بينهم بحجارة أو بالسياط أو ضرب بعصا، فهو خطأ، وعقله عقل الخطأ، ومن قتل عمدا فهو قود، ومن حال دونه، فعليه لعنة الله وغضبه، لا يقبل منه صرف ولاعدل» واختلف العلماء فيمن تلزمه الدية.
فقال أبو حنيفة: هي على عاقلة القبيلة التي وجد فيها إذا لم يدع أولياء القتيل على غيرهم.
وقال مالك: ديته على الذين نازعوهم.
وقال الشافعي: هي قسامة، إن ادعوه على رجل بعينه، أو طائفة بعينها وإلا فلا عقل ولا قود.
وقال أحمد: هي على عواقل الآخرين، إلا أن يدعوا على رجل بعينه، فيكون قسامة.
وقال ابن أبي ليلى، وأبو يوسف: ديته على الفريقين الذين اقتتلا معا.
وقال الاوزاعي: ديته على الفريقين جميعا، إلا أن تقوم بينة من غير الفريقين: أن فلانا قتله، فعليه القصاص والدية.

.القتل بعد أخذ الدية:

وإذا أخذ ولي الدم الدية، فلا يحل له بعد أن يقتل القاتل.
وروى أبو داود، عن الحسن، عن جابر بن عبد الله: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: «لا أعفى من قتل بعد أخذ الدية».
وروى الدارقطني، عن أبي شريح الخزاعي، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من أصيب بدم أو خبل، فهو بالخيار بين إحدى ثلاث، فإن أراد الرابعة فخذوا على يديه: بين أن يقتص، أو يعفو، أو يأخذ العقل، فإن قبل شيئا من ذلك ثم عدا بعد ذلك فله النار خالدا فيها مخلدا».
فإذا قتله، فمن العلماء من قال: هو كمن قتل ابتداءا، إن شاء الولي قتله وإن شاء عفا عنه، وعذابه في الآخرة.
ومنهم من قال: يقتل ولا بد، ولا يمكن الحاكم الولي من العفو.
وقيل: أمره إلى الإمام يصنع فيه ما يرى.